الصورة الذهنية .. تلك الكلمة
التسويقية التى تعبر عن عبقرية خاصة وحصرية للتسويق، هذا المصطلح التى يعتمد عليه
التسويق بشكل أساسى وهو المحور الذى تقوم عليه جميع الانشطة التسويقية الأخرى.
الصورة الذهنية باختصار هو وضع
تصور ذهنى فى عقول واذهان السوق المستهدف عن المنتج، عندما يرى الناس المنتج او
يروا اى شئ متعلق به، تتبادر الى ذهنهم مجموعة من المزايا و ربما الاشكال والالوان
والصفات المرتبطة بهذا المنتج، كلما كانت الصورة الذهنية محددة ودقيقة وتربط
المنتج بصفة واحدة قوية جداً كلما نجحت فى تحقيق اهدافها..
تكلمنا من قبل عن الصور الذهنية
وكيفية تكوينها، ولكن ايمكننا تغيير صورة ذهنية موجودة بالفعل فى اذهان الناس؟؟
فى العادة الصورة الذهنية يتم تطويرها
وبناءها فى وقت كبير، هى نتاج استراتيجية منتظمة محددة، هى نتاج منتج يتم تطويره
وتقديمه بشكل معين لكى يخدم الصورة الذهنية، هى نتاج مجموعة كبيرة ومنتظمة من
الحملات الاعلانية وحملات العلاقات العامة، كل هذه الحملات تتم فى اطار تحقيق
الصورة الذهنية المطلوب ايصالها الى السوق المُستهدف.
يبدو من الفقرة السابقة ان تطوير
الصورة الذهنية شئ صعب و يستهلك وقت طويل لكى يتم بشكله الصحيح، اذاً هل من الممكن
لنا بعد كل هذا المجهود والوقت ان نغير الصورة الذهنية التى بنيناها عن المنتج،
بهذه السهولة؟!
فى الحقيقة ..الشركات الكبرى
تحتفظ بصور ذهنية ثابتة على المدى الطويل، هناك امثلة رائعة للثبات على نفس الصورة
الذهنية القوية على مر السنين.. (سنيكرز تسد الجوع) (وول مارت
اسواق اقتصادية) (BMW تحقق الرفاهية) (ريد بول يمّدك بالطاقة) ..
وغيرها الكثير من الصور الذهنية التى تتميز بثباتها وعدم تغيرها.
على الرغم من ذلك فإن الشركات قد
تلجأ ل (إعادة تطوير وهيكلة الصورة الذهنية) - Repositioning..
هذا الاضطرار يكون بسبب ان هناك
صورة ذهنية سوف تحقق عوائد افضل من الصورة الذهنية الحالية، .. اذا لم يكن هذا هو
الهدف من تغيير الصورة الذهنية فلا تفعلها!
سأعطيك حالة تسويقية تثبت ذلك..
مشروب لوكوزيد – Lucozade كان مشروب طبى،
هدفه الاساسى هو المرضى الذى يخرجون من حالات علاج ويكونون فى حالة اعياء من اثر
المرض السابق (فترة النقاهة)، هذه الفترة يتناول فيها المرضى مشروب لوكوزيد لكى
يمدهم بالطاقة ويدفع بنظامهم الهضمى..
بعد فترة لاحظت الشركة المنتجة ان
المبيعات أغلبها من فئة ليست هى الفئة المستهدفة من المنتج، و أن المنتج أصبح موجود فى
ايدى الاصحاء اكثر من المرضى..
كانت هذه هى فترة الثمانييات من
القرن الماضى، حيث تحسنت سبل العلاج، واصبح الاهتمام بالمرضى وصحتهم اكبر، وفى نفس
الوقت وفى هذه الفترة بدأ اهتمام الناس يزيد اكثر بممارسة الرياضة وقضاء اوقات
اكبر فيها.
هنا الوضع الجديد امام التسويقيين
كالآتى.. شريحة اساسية كانت تستهدفها الشركة بمنتجاتها بدأت فى الاضمحلال
والنقصان، وشريحة اخرى لم تكن الشركة تلقى لها بالاً بدأت فى الزيادة خصوصاً مع
حملات التوعية واهتمام الناس بصحتهم وممارسة الرياضة.
لماذا تظل الشركة تعمل وتبنى
صورتها الذهنية فى سوق يقل عدده، سوف يصل عمّا قريب لسوق غير مربح، فى حين انها
تستطيع ان تبدأ فى اعادة هيكلة وتطوير الصورة الذهنية فى سوق مربح وينمو بشكل اكبر
واسرع..
بالتالى بدأت الشركة فى تنفيذ
الاستراتيجية الجديدة، وبناء صورة ذهنية للمنتج فى اذهان وعقول الناس فى السوق..
كانت الصورة الذهنية الجديدة تربط المنتج بأنه مشروب الطاقة للرياضيين.
لكى تغيّر الشركة من الصورة
الذهنية القديمة، وهى مهمة صعبة جداً بكل تأكيد، بدأت الشركة فى استخدام نفس
السلاح الذى استخدمته لبناء الصورة الذهنية القديمة، .. فى اعلاناتها الجديدة بدأت
تستعين برياضى شهير من رياضيين العاب القوى هو دالى ثيمبسون - Daly Thompson، وتظهره وهو يشرب هذا المشروب المفيد
للصحة ويمّده بالطاقة اللازمة لإتمام تمارينه الرياضية..
ولكنك تعرف ايضاً ان الصورة
الذهنية لا يتم بناءها فقط عن طريق الاعلانات.. الاعلانات فقط هى عامل من ضمن
العوامل الهامة جداً قى بناء الصور الذهنية، ولذلك فكان على الشركة مثلاً تغيير
شكل التعبئة للمنتج لكى يناسب الاستخدام الجديد، .. وهكذا بدأت المهمة تنجح، تحويل
المنتج من صورته الذهنية المرتبطة بفترة مابعد العلاج للمرضى إلى مشروب الطاقة
والحيوية للرياضيين.
نعم القضية التسويقية هنا من اصعب
القضايا والحالات التى ربما تواجهها الشركات، ولكن لابد منها اذا وجدت الشركة ان
عليها ان تحوّل نظرها من شريحة فى السوق تتضمحل وتنقص الى شريحة مربحة وتزيد بشكل
منتظم، وهو ماحدث مع شركة لوكوزاد التى تتضاعفت فيها المبيعات بعد هذا التغيير
التسويقي العبقرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق